حزب بناء السودان
# بيان حول الإتفاق السياسي بين د. حمدوك والبرهان
لا يخفى عليكم الأيام والأحداث العصيبة التي مر بها وطننا السودان وعاشها مواطنيه على إثر انقلاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان على الحكومة الإنتقالية، مما هدد وجود السودان كدولة وعرض مواطنيه للخطر وأدى إلى فقداننا أرواحا عزيزة، وخسر السودان اقتصاديا الكثير جدًا مما تحقق بشق الأنفس خلال السنتين السابقتين.
تاسيسا على ذلك، فإننا في حزب بناء السودان نرى في اتفاق د. عبدالله حمدوك مع سلطات الإنقلاب -رغم نواقصه وعدم وضوح ملامحه الكاملة وغياب تفاصيله المهمة- خطوة ضرورية في طريق بناء الدولة المدنية واستعادة فرص التحول الديمقراطي الذي ينشده كل شعب السودان.
إننا في حزب بناء السودان نرى أن هذا الاتفاق السياسي يحقق أهدافًا عديدة نجملها في الآتي:
أولاً: هذا الاتفاق يحقن دماء السودانيات والسودانيين وهي قيمة عالية جدًا نرى في حزب بناء السودان أنها مقدمة على أي مكسب سياسي.
ثانيًا: يتوافق هذا الاتفاق مع رؤيتنا في حزب بناء السودان للتغيير الإصلاحي الذي نؤمن أنه رحلة طويلة تنجز بالتدريج، وكل خطوة يتم تحقيقها تقود إلى خطوات متقدمة تفتح مزيدًا من الفرص في اتجاه التغيير، ولهذا نرى في توقيع السيد رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك لهذا الاتفاق تأسيسا مهما لهذا التغيير الاصلاحي المنشود.
ثالثًا: الاتفاق يمثل انتصارًا كبيرًا جدًا لإرادة الشعب السوداني على الانقلابيين، وهي المرة الأولى في تاريخ السودان الحديث التي يتم فيها إنهاء انقلاب عسكري بأدوات سياسية، حيث لم يكن ممكنًا منذ استقلال السودان استعادة الحكم من العسكر إلا بثورة شعبية ولهذا حق لنا كسودانيين أن نزهو ونحتفل بانتصارنا هذا.
رابعًا: ندرك في حزب بناء السودان أن للقوات المسلحة السودانية تاريخ وإرث طويل في ممارسة العمل السياسي في السودان والانغماس فيه خلافا لدورها المفترض في الحفاظ على السودان وأرضه وحراسة نظامه الدستوري، مما صعب استدامة الديمقراطية في السودان منذ الاستقلال، لذلك نرى ضرورة إبعاد القوات المسلحة عن الانشغال بالعمل السياسي والنشاط الاقتصادي مطلب استراتيجي لإقامة واستدامة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق السلام الدائم في السودان، واضعين في الاعتبار أن إصلاح المؤسسة العسكرية عملية طويلة لا تتم بين عشية وضحاها، وإنما تتطلب عملًا طويلًا وشاقًا، متدرجا ومستمرا، وكان لوقفة الشعب السوداني الشجاعة والحازمة ضد الانقلاب الأخير رسالة واضحة ومباشرة أنه لن يقبل إطلاقا تسيد الجيش للمشهد السياسي، وهو ما جعل الانقلابين يتقهقرون ويضطرون لتوقيع هذا الاتفاق مع دولة رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك، والذي يحظى بدعم غير محدود من الشارع السوداني العريض.
خامسا: هذا الاتفاق يحافظ على مكتسبات عظيمة حققها شعبنا وحكومته المدنية في العامين السابقين أهمها حذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب واستعادة السودان لعلاقاته السياسية والاقتصادية مع منظمات المجتمع الدولي، وإعفاء جزءا كبيرًا جدًا من ديونه الخارجية وبداية التعافي المؤسس للاقتصاد السوداني، وهي مكتسبات أساسية جدًا لتنمية وتقدم السودان وتحسن مستوى معيشة مواطنيه واستشراف مستقبل شبابه وأبنائه، ونرى أن الحفاظ والبناء عليها يمثل فرصة عظيمة للسودان لتحقيق استقرار سياسي واقتصادي مستدام وهو ما نعتبره بعدًا استراتيجيا كذلك.
في الوقت نفسه فإننا نود توجيه رسائل مهمة إلى الأطراف التالية:
1- شعبنا السوداني الكريم:
لقد أظهرتم شجاعة غير مسبوقة وسطرتم بطولات تحكي بها الشعوب، ما تحقق اليوم لم يكن ممكنا من دون شجاعتكم تلك، رسالتكم كانت واضحة ومباشرة لكل الأطراف الداخلية والخارجية وكانت هي الأساس الذي بنى عليه الجميع مواقفهم. ما تحقق ليس كل ما تطلبون لكنه خطوة مهمة جدًا في تحقيق مطالبكم، لا نفرض عليكم خيارًا ولكننا نرى أن نبني على ما تحقق وندعم سعيكم الحثيث لتحقيق المزيد بكل الوسائل السلمية المشروعة.
2- دولة رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك:
نقدر جدا شجاعتكم التي هي من شجاعة هذا الشعب الأبي، ونعلم أن ما أقدمتم عليه لم يكن خيارًا سهلًا وأنكم كنتم تدركون تمامًا ما يجلبه عليكم شخصيًا من حرج ولكنكم اخترتم اخيرا حقن دماء السودانين وتقليل كلفة التغيير وهو ما نثمنه عاليا وندعمه بكل شجاعة، كذلك واستكمالا لموقفكم هذا فإننا نطالبكم بالحزم الشديد عند مناقشة تفاصيل وملحقات هذا الاتفاق لتحقيق أكبر مكاسب للسودان والسودانيين، وعليكم كذلك اتخاذ الشفافية والوضوح طريقا لإشراك الشعب السوداني بكل تلك التفاصيل لحظة بلحظة فهو سندكم ومصدر قوتكم، ونأمل تشكيل حكومة كفاءات وطنية تحقق نتائج ملموسة في حياة السودانين في كل المجالات ولابد أن تضعوا تشكيل هياكل الانتقال والعدالة في أعلى سلم اهتمام حكومتكم.
3- السادة قادة وضباط وجنود القوات المسلحة:
لابد أن تعلموا أنكم بخطوة الانقلاب الفاشل هذا وضعتم القوات المسلحة كمؤسسة في مواجهة مباشرة مع الشعب السوداني الذي يتوجب عليكم حمايته وحراسة خياراته، وشكل ذلك تهديدا وجوديا للسودان كدولة ولشعبه كأمة، ويتطلب الأمر منكم عملًا شاقًا وطويلًا لاستعادة موقعكم كمؤسسة قومية تقف لجانب الشعب وليس ضده وتحميه ولا تعتدي عليه، لابد أنكم تيقنتم أن ما كان سائدًا في السابق أصبح غير مقبولًا اطلاقا الآن، عليكم العمل بمهنية لتكونوا حراسا للسودان وأرضه وشعبه دون التدخل في دروب السياسة وتحفظوا بذلك مكانكم المحفور في قلوب السودانين وتجنبوا شعبكم المهالك والفتن.
4- المجمتع الدولي والدول الصديقة: نثمن عاليًا جهودكم الواضحة إبان الأزمة ونحفظ لكم وقوفكم بجانب شعب السودان وخياراته ونأمل في مواصلة هذا الدعم والضغط أكثر من أجل تحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية في السودان ونثق أن ذلك سيكون له انعكاس مباشر على الاستقرار في المنطقة الإقليمية كلها.
5- الأحزاب السياسية ومنظمات المجمتع المدني السودانية:
نرى في دعمكم لهذا الاتفاق إعلاء لقيمة الوطن والمواطن والمحافظة على أرواح السودانيات والسوادنيين وحفظ المكتسبات التي تحققت للسودان، وعلينا جميعًا العمل على تحسينه وتحقيق أعلى المكاسب منه بدلا من تقديم الفرصة على طبق من ذهب لفلول النظام السابق لتسيد المشهد من جديد.
حزب بناء السودان
22 نوفمبر 2021