المواطنات والمواطنون الشرفاء:
لقد تابعنا وإياكم طيلة الأيام الماضية تداعيات الأحداث عقب ظهور كشوفات الإحالة للتقاعد من القوات المسلحة السودانية، وما إنتظم الساحة السياسية من دعوات من عدة جهات لمواكب التضامن مع الضباط الوطنيين الذين وردت اسمائهم بكشوفات التقاعد.
في البدء نؤكد في حزب بناء السودان على أن التظاهر والمواكب السلمية وحق التعبير حقوق أصيلة لا ينبغي المساس بها أو مواجهتها بالعنف المفرط كما حدث في موكب الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٠م، وإن الأجهزة الأمنية والشرطية تتحمل كامل المسؤولية ويجب أن تخضع فوراً للمساءلة والمحاسبة حسب التراتيبيات القيادية الميدانية.
يؤكد حزب بناء السودان على أن الخروج من المأزق الوطني متعدد الأشكال والأبعاد يقتضي مراجعة كل تاريخنا الوطني على كافة الأصعدة القانونية والادارية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية وما جرته على شعبنا وقضاياه المختلفة من أزمات، والعمل بشكل عاجل على وضع إستراتيجية وطنية موحدة للخروج بالبلاد من أزماتها ومخلفات النظام البائد، وإن ما يواجهه شعبنا من تردي في كافة مجالات الفاعلية الانسانية هو إنهيار غير مسبوق، وما يعانيه في الوطن والشتات من مشاكل وقضايا تتعلق بحياته اليومية، يجب أن تولى اهتماماً استثنائياً من جميع مكوناته الوطنية.
إزاء الأوضاع السياسية الراهنة وإنسجاماً مع تضحيات ومثابرة الشعب في ثورة التغيير المجيدة في كل أنحاء السودان، فاننا ندعوا الي الأتي:
أولاً: إن ضرورات المرحلة الحالية ما بعد التغيير تقتضي إستخدام أدوات السياسة في التسوية والمساومة والضغط السياسي من أجل التعبير عن وتحقيق المصالح.
ثانياً: آن أوان الإنهاء الفعلي للإنقسام الداخلي والبدء فوراً في إرساء مشروع للحوار والتوافق الوطني على أسس وطنية ديمقراطية تحقق مصالح البلاد وتعالج قضاياها.
ثالثاً: ضرورة إنهاء ومحاصرة الخطابات التقسيمية والتي تعمل على تأجيج الخلافات والإستثمار فيها بين مختلف مكونات الحكم الانتقالي وهياكله الحالية، فالصراع الشامل والمفتوح هو صراع بين إستمرار تحقيق مصالح الشعب في التغيير والتحول المدني وبين مشروع الردة عن التغيير لمصلحة النظام البائد الخاسر بشرياً واقتصادياً وسياسياً ومعنوياً.
رابعاً: إن احترام إرادة شعبنا ودعم جهوده لأجل الحرية والسلام والرفاه، والإنتباه إلى ما يعانيه من أوضاع اقتصادية واجتماعية متفاقمة جراء سياسات النظام البائد الاجتماعية والاقتصادية المختلة تحتاج لكثير من الجهد والعمل، وجميعنا مسؤولين عن ذلك وليست الحكومة الإنتقالية وحدها.
على صعيد الأجهزة الأمنية والشرطية:
إن رؤية وزارة الداخلية بحكومة ظل حزب بناء السودان تؤمن بأن الدور الأساسي للأجهزة الأمنية والشرطية يقوم على الحفاظ على أمن و سلامة المواطن وحماية ممتلكاته دون الإخلال بحق الحرية في التعبير السلمي ومراعاة حقوق الانسان، وإن دور الأجهزة الأمنية والشرطية هو حماية المسيرات والمواكب السلمية ووضع الخطط البديلة لإنسياب حركة مرور المواطنين.
إن تغيير العقلية القمعية لقوات الأمن والشرطة السودانية يحتاج منا لكثير من الجهد والعمل على إعادة النظر في القوانين واللوائح الادارية السارية، والعمل على تغيير الهياكل الادارية لتدعم تحول الأمن والشرطة الي أجهزة مدنية وتأسيس مهامها على دعم مفاهيم الحرية والعدالة التي قامت من أجلها ثورتنا المجيدة. وإن من أكثر المسببات التي تجعل من الأجهزة الأمنية والشرطية مهدداً لسلامة المواطن أكثر من حامياً له هو عدم وجود الرقابة اللازمة على قوات الأمن والشرطة الذين يلجأون للعنف المفرط والقمع ضد المواطن في إنتهاك مباشر لحقوقه وحرياته الأساسية.
لذا تدعوا وزارة الداخلية في حكومة ظل حزب بناء السودان للعمل على الاتي:
١- البدء فوراً في عملية الاصلاح القانوني والإداري للقوات الأمنية والشرطية لتتحول إلي أجهزة مدنية تقوم مهامها على أساس الحفاظ على حقوق المواطن وحقوق منتسبي الأمن والشرطة في آن واحد، وإستبعاد كل مظاهر العنف العسكري التي تصاحب مهامها.
٢- العمل على تنقيح وإعادة تأهيل كل منسوبي الأجهزة الأمنية والشرطية بما يحقق أهداف تحولها إلي أجهزة مدنية تعمل على خدمة الشعب وحماية ممتلكات وأرواح المواطنين.
٣- أن تشمل عملية الإصلاح القانوني والإداري إنشاء الإدارات الرقابية المختصه لمحاسبة كل منتسبي الأجهزة الأمنية و الشرطية حال تجاوزهم لحدود القانون وتعريض حياة المواطنين للخطر.
كما لا يفوتنا الاشارة الي أن الأمن مسؤولية الجميع وبالتالي فإننا ندعو ونشجع جميع المواطنات والمواطنين إلي التعاون مع الاجهزة الأمنية والشرطية في تنفيذ مهامها والإبتعاد عن إستفزازها والإعتراض عليها اثناء أدائها لواجبها ومهامها.
على صعيد القوات المسلحة السودانية:
إن رؤية وزارة الدفاع بحكومة ظل حزب بناء السودان تؤسس لضرورة تعديل الفصل السادس من قانون القوات المسلحة والذي يحدد أسباب إنتهاء الخدمة العسكرية و أجمالها في ١٤ سبب من ضمنها :
١- عدم الكفاءة وفقا للتقارير المكتوبة عنه ( أي الضابط المحال للمعاش ) و توصية رئيس الأركان المشتركة وفقاً لما تحدده اللوائح و النظم.
٢- عدم الصلاحية وفقاً للوائح والنظم.
وعليه فإن قانون القوات المسلحة أعطي صلاحيات مطلقة للقائد العام للقوات المسلحة فيما يختص بإحالة الضباط الي التقاعد وحدد اللوائح و النظم التي تضبط هذا الإجراء في الآتي:
أ. التقارير الواردة عن أداء الضابط من ثلاثة قادة مختلفين .
ب. إستيفاء الضابط للدورات والدراسات الحتمية والمدة الزمنية الأضافية التي منح لها في حالة العجز للقيام بهذه الدورات في الوقت المحدد .
عليه نري في حزب بناء السودان الآتي :
١- تحديد صلاحيات القائد العام و حصرها في التصديق علي أعمال المجالس و اللجان المختلفة فيما يخص الترقيات والإحالة للتقاعد .
٢- تعديل قانون القوات المسلحة خاصة فيما يتعلق ببنود الإحالة للتقاعد للضباط وغيرهم من منسوبي القوات المسلحة بما يوافق ويتوائم مع قوانين العمل في ما يخص الحقوق و الواجبات مع الأخذ في الإعتبار خصوصية عمل القوات المسلحة.
٣- تحديد مؤشرات قياس لتقييم أداء الضباط من قبل قادتهم وفق معايير محددة بعيدا عن التقديرات الشخصية و ذلك لحماية حقوق الضباط في الترقي أو الإبقاء في الخدمة ومنع التغول عليها دون تحديد لأئحة أو سند قانوني صريح .
٤- إنشاء مركز للجودة والرقابة الإدارية بسلطات مستقلة يراقب الآتي :
أ. سهولة وإنسيابية الوصول للمعلومات بشكل راتب عن الضباط للقيادات ذات الصلة مع ضمان شروط الخصوصية و السرية المطلوبة.
ب. قيام إجتماعات تقييم الأداء بشكل دوري.
ج. توفر تقارير مراجعة الأداء.
د. أرشفة وحفظ تقارير الأداء في نسخ رقمية وورقية وذلك لضمان عدم التلاعب بالتقارير.
ه. تحديد فترة بقاء الضابط تحت قيادته المعينة لفترة زمنية محددة وذلك قبل نقله لقيادة جديدة وذلك لتلافي ما يحدث من تلاعب بنقل الضابط لثلاث قادة مختلفين في فترات زمنية متقاربة مما يسمح بالتوافق مع لأئحة الإحالة للمعاش ويعزز من فرص الإقالات الكيدية.
إننا في خضم الفترة الانتقالية الحالية يجب أن نعلي من قيم المسئولية الوطنية والتوجه جميعاً للعمل من أجل انجاز مهام الانتقال المدني والتحول الديمقراطي، هذه المرحلة يجب أن يتعزز فيها التضامن الشعبي والسياسي والإلتفاف حول الحكومة الانتقالية والعمل على حياد مؤسسات الدولة وعدم تجييرها حزبياً. إن دروس كل النضالات الوطنية يجب أن تستلهم في شق درب جديد وترسيم العلاقة بين الشعب والحكومة الانتقالية لضمان استمرار التغيير وعدم النكوص والتراجع عنه.
حزب بناء السودان
٢٢ فبراير ٢٠٢٠م