خطوات نحو تطوير التعليم العالي في السودان

الإثنين, 20 أغسطس 2018 03:02

التحديات:

يبلغ عدد الجامعات والكليات الجامعية في السودان 122 جامعة بين حكومية وخاصة، منها فقط 18 مؤسسة معنية بالتعليم العالي التقني *. حين عمدت حكومة الإنقاذ إلى التوسع الكمي في التعليم العالي على حساب جودته وملائمته لاحتياجات البلاد التنموية وسوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي، أدى ذلك الى أن تصل نسبة البطالة في صفوف الخريجين إلى 48% حسب وزارة العمل والإصلاح الإداري السودانية **. ورغم دعم الدولة جزئيا للتعليم العالي في السودان، إلا أنه يظل صعبا على شعب يعيش 46.5% من سكانه تحت خط الفقر *** أن يتكفل بمعيشة ابنة/ابن أو أكثر في الجامعة ليصبح الخريج عاطلا بعد انهاء دراسته الجامعية، يؤدي هذا إلى خلق حالة من عدم المساواة، حيث تصبح الشريحة الأكثر فقرا في المجتمع غير قادرة على دعم بناتها/أبنائها ماديا للحصول على تعليم عالي ذا جودة تتيح لهم المساهمة في الخروج من دائرة الفقر.

 

 

حسب استطلاعات حزب بناء السودان في يونيو 2018، يبلغ مرتب مساعدي التدريس في جامعة الخرطوم (مع البدلات) 1400 جنيه سوداني أي أقل من 40 دولار شهريا، الأمر الذي يعني أن مساعد التدريس يعيش تحت خط الفقر العالمي بواقع 1.3 دولار لليوم، حيث يبلغ الحد العالمي لخط الفقر 1.9 دولار في اليوم. الواقع أن مساعد التدريس إذا كان يعيل شخص آخر أو أشخاص آخرين غير نفسه فهذا يعني أن كامل الأسرة تقع تحت خط الفقر بنسبة كبيرة جدا ما لم يكن هناك مصدر دخل آخر. بينما يبلغ مرتب المحاضر في جامعة الخرطوم (حاصل على الماجستير) 2500 جنيه سوداني، وهو ما يعادل 51.25 دولار شهريا، ويعادل ذلك 2.25 دولار في اليوم، مما يعني أنه تقريبا على خط الفقر العالمي، وفي حالة اعالة المحاضر لشخص آخر أو أسرة فإن كامل الأسرة تكون تحت خط الفقر بنسبة كبيرة أيضا. في أثيوبيا تبدأ مرتبات مساعدي التدريس من حوالي 81.4 دولار شهريا بينما يتقاضى المحاضر الحاصل على الماجستير حوالي 166.55 دولار شهريا والأستاذ الجامعي 196.85 دولار شهريا في مقابل 82.1 دولار يتقاضاها الأستاذ الجامعي في جامعة الخرطوم في بداية عمله، هذا يعني أن مرتبات طاقم التدريس في أثيوبيا أكثر من ضعف مرتبات طواقم التدريس لدينا. أما في جنوب أفريقيا يتقاضى الأستاذ الجامعي 4390 دولار شهريا والمحاضر 2950 دولار شهريا أما مساعد التدريس فيبدأ مرتبه 2190 دولار شهريا.

 

 

 

الرؤية:

نحن في حزب بناء السودان، نسعى إلى إعادة رسم سياسة التعليم العالي كليا واضعين في الاعتبار الأهداف التالية:

  • ألا تصبح القدرات المادية عائقا أمام أي طالبة/طالب جامعي سواء بسبب عدم مقدرته أو مقدرة أسرته على تسديد الرسوم الدراسية أو عدم مقدرته أو مقدرة أسرته على تحمل تكلفة المعيشة أثناء دراسته الجامعية.
  • ألا يكون التعليم النوعي (عالي الجودة) حكرا على المقتدرين ماديا.
  • أن يتم ربط التعليم العالي بالاحتياجات المستقبلية لسوق العمل المحلي أولا والإقليمي والعالمي تاليا بحيث يتم تقليل العطالة في صفوف الخريجين.
  • أن يتم ربط سياسات التعليم العالي بسياق الخط التنموي المستهدف وباحتياجات البلاد التنموية.
  • أن يتم دعم وتشجيع التعليم العالي التقني بشكل تفضيلي.
  • أن تستقطب الجامعات السودانية الكفاءات الوطنية والعالمية بمميزات جاذبة للعمل بها.
  • أن تسعى الجامعات لتطوير نفسها من حيث البنى التحتية، المناهج، سبل وموارد التدريس، البحث العلمي والإدارة بما يتماشى مع الأهداف التنموية للبلاد ومعايير التعليم العالمية.

 

 

الهيكلة:

  • إلغاء وزارة التعليم العالي وجعلها إدارة في وزارة التعليم.
  • تكتفي إدارة التعليم العالي في وزارة التعليم بوضع ومراقبة المعايير المطلوبة من مؤسسات التعليم العالي.
  • تصبح جميع الجامعات الحكومية، مؤسسات مستقلة ماديا واداريا وفي سياسات قبولها.
  • تُنشأ الدولة مع البنوك العاملة في السودان محفظة لتمويل طلاب التعليم العالي.
  • تضبط الدولة معايير أنظمة تمويل طلاب التعليم العالي للتأكد من تحقيق المساواة والعدالة.
  • تُمكن الدولة، البنوك العاملة في السودان والمؤسسات ذات الصلة، من الحصول على البيانات اللازمة لتقييم المخاطر وسوق العمل بغرض تمويل الطلاب الجامعيين.
  • تشجيع انشاء مؤسسات تعنى بمشاركة المعلومات الائتمانية ومؤسسات تعنى بتقييم المخاطر الائتمانية.
  • توفر الدولة معلومات حول سوق العمل الحالي والمستقبلي والخطط التنموية في إطار مفهوم ومقبول للطلاب المقبلين على الدراسة الجامعية لتمكينهم من اتخاذ قرار اختيار مجال الدراسة.

 

مالية الجامعات:

  • يتم تمويل الجامعات بشكل رئيسي بواسطة الرسوم الدراسية التي تقررها كل جامعة باستقلالية تامة.
  • تمنح الجامعات المتميزة تمويلا إضافيا من الدولة لتشجيعها. على أن يكون من أهم عوامل التميز هو انتاج الجامعة من “الأبحاث والأوراق العلمية” المنشورة عالميا وبراءات الاختراع المسجلة دوليا.
  • يحق للجامعات الاستثمار خارج الإطار التعليمي كمؤسسات مستقلة.
  • رفع مخصصات ومرتبات طواقم الجامعات إلى مستويات منافسة إقليميا ومقبولة عالميا بحيث تستقطب الجامعات السودانية الكفاءات الوطنية والعالمية المقتدرة.

 

 

مجانية التعليم العالي عند نقطة التلقي (Free at the point of access):

  • لا يتحمل الطالب أو عائلته أي تكلفة مالية للدراسة الجامعية قبل أو أثناء الدراسة.
  • جعل خيار ألا يتحمل الطالب أو عائلته تكاليف المعيشة للطالب الجامعي أثناء الدراسة، متاحاً.
  • تمول البنوك العاملة في السودان، عبر المحفظة المُنشأة والمخصصة، رسوم الدراسة (والمعيشة عند الحاجة) لأي طالب جامعي مستوفي متطلبات القبول التي ترسمها الجامعة، بعد قيام البنك بتقييم المخاطر المخصص والذي تتم معايرته لهدف اتاحة برنامج تمويل الطلاب الجامعيين.
  • تلتزم الدولة باستقطاع سداد التمويل مع الضرائب بعد اجراء الإصلاحات اللازمة على النظام الضريبي
  • يسدد الخريج التمويل بعد شروعه في العمل بعد تخرجه (حيث أن مجال الدراسة ومقدرات الطالب، تم تقييم المخاطر الخاصة بهم من قبل مؤسسات متخصصة، فإن المؤسسات المتخصصة تسعى للتأكد من أن الخريج سيجد عملا بعد تخرجه بناء على تقييم المخاطر)، على أن تستقطع دفعات السداد مع ضرائب الدخل بواسطة الدولة وتتكفل الدولة بتحمل التكاليف الإدارية بهدف تسديد التمويل للبنوك المعنية.
  • تشجع الدولة وتسن التشريعات اللازمة لتسهيل عمل الطلاب خلال سنين دراستهم الجامعية بشكل “دوام” جزئي، لنشر ثقافة العمل وتنمية الخبرات قبل التخرج، على ألا يتم استقطاع ضريبة للدخل من الطلاب ما لم يتعدى الدخل الحد الأدنى لدفع الضرائب.
  • تعمل الدولة على وضع برامج تساعد البنوك الممولة للطلاب لحل إشكال الديون الهالكة في حال حدوث ذلك.
  • تسعى الدولة لتعميم نظام تمويل الطلاب تدريجيا خلال فترة قدرها خمسة سنوات.

 

 

ختاما:

حزب بناء السودان من خلال طرحه لبرنامج تطوير التعليم العالي يسعى لجعل التعليم العالي ذا جودة عالية حيث تُمكن مؤسسات التعليم العالي من تطوير نفسها ومناهجها وأدواتها عبر استقلاليتها الإدارية والمالية الكاملة، ويتلقى أساتذة الجامعات المستحقات التي تمكنهم من الابداع في عملهم ويستطيع الطالب الاستفادة القصوى من تعليمه العالي عبر التأكد من أن التعليم الذي يتلقاه سيمكنه من أن يكون عضوا فاعلا ومنتجا في المجتمع دون أن يشكل تعليمه عبئا على أسرته، كما أنه لم يغب عنا المنافع الاجتماعية  والعملية والاقتصادية المترتبة على أن تقوم الدولة بتشجيع عمل الطلاب أثناء فترة دراستهم الجامعية. وحيث أن هذا البرنامج يزيح تمويل التعليم العالي عن كاهل الدولة، فإن هذا يتيح للدولة أن تقوم بتمويل التعليم العام (ما قبل الجامعي) بشكل كامل وبشكل أفضل، مضمنا 3.2 مليون طفل لا يتلقى أي تعليم بتاتاً.

 

.نحن إذ نطرح هذا البرنامج للمشورة الشعبية، نسعى إلى أن يكون المجتمع والمواطن عنصرا فاعلا في رسم سياسات الدولة.

 

 

——

*   حسب المعلومات المستخلصة من موقع وزارة التعليم العالي السودانية.

**   دراسة أعلنتها وزارة العمل والإصلاح الإداري السودانية في 2016 عبر مؤتمر صحفي – https://www.youtube.com/watch?v=25O2ZnOINZs

***    الجهاز المركزي للإحصاء في السودان http://sd.one.un.org

مقارنة المرتبات مصادرها: استطلاع حزب بناء السودان لعاملين في جامعة الخرطوم – موقع http://mywage.org  – تقرير عن مالية أعضاء هيئات التدريس في جنوب أفريقيا في 2014